الإمام الذهبي شيخ المحدثين ومؤرخ الإسلام، وأحد الأفذاذ في مسيرة علوم الحديث والرجال والتأريخ الإسلامي، فمن هو الذهبي؟ وما أشهر مؤلفاته؟
يعد الإمام شمس الدين الذهبي واحد من الأفذاذ القلائل
في مسيرة علوم الحديث والرجال والتأريخ الإسلامي، وقد دلت آثاره العلمية
واتجاهاته الفكرية على سعة أفقه وعلمه وحفظه، وقدرته الفائقة على نقد
الرجال وتصوير التاريخ، حتى أصبحت أقوال الذهبي فيمن يترجم لهم ويؤرخ،
تعتبر عند النقاد والمؤرخين الذين جاءوا بعده أقصى حدود الاعتبار، وكفى
بذلك فخرًا.
المولد والنشأة
ولد أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في كفر بطنا قرب مدينة دمشق في ربيع الآخر 673 هـ الموافق لشهر أكتوبر 1274م. نشأ في أسرة كريمة تركية الأصل ، سكنت مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر، ويبدو أن جد أبيه قايماز قضى حياته فيها. يعمل والده في صناعة الذهب، فبرع فيه وتميز حتى عُرف بالذهبي وكان رجلا صالحًا محبًا للعلم، فعني بتربية ولده وتنشئته على حب العلم. وكان كثير من أفراد عائلته لهم انشغال بالعلم، فشب الوليد يتنسم عبق العلم في كل ركن مته ست الأهل بنت عثمان لها رواية في الحديث، وخاله علي بن سنجر، وزوج خالته من أهل الحديث.
وفي سن مبكرة انضم إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم حتى حفظه وأتقن تلاوته. ثم اتجهت عنايته لما بلغ مبلغ الشباب إلى تعلم القراءات وهو في الثامنة عشرة من عمره، فتتلمذ على شيوخ الإقراء في زمانه كـجمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن داود العسقلاني المتوفى سنة 692 هـ الموافقة لسنة 1292م، والشيخ جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن غال المتوفى سنة 708 هـ الموافقة لسنة 1308م، وقرأ عليهما القرآن بالقراءات السبع، وقرء على غيرهما من أهل هذا العلم حتى أتقن القراءات وأصولها ومسائلها. وبلغ من إتقانه لهذا الفن وهو في هذه السن المبكرة أن تنازل له شيخه محمد عبد العزيز الدمياطي عن حلقته في الجامع الأموي حين اشتد به المرض.
في الوقت الذي كان يتلقى فيه القراءات مال الذهبي إلى سماع الحديث الذي ملك عليه نفسه، فاتجه إليه، واستغرق وقته، ولازم شيوخه، وبدأ رحلته الطويلة في طلبه.
طلبه العلم ورحلاته العلمية
وطلب الذهبي العلم صغيرًا، وتوجهت عنايته إلى ناحيتين رئيستين هما: القراءات، والحديث الشريف، وفشرع في طلب الحديث سنة 690هـ وعمره 18 سنة، ووقف حياته على العلم حتى توفى رحمه الله، وعني بالقراءات، والتاريخ والحديث واهتم به اهتمامًا خاصًا، وأخذ عن شيوخ بلده، وعن غيرهم.
ورحل الإمام الذهبي في طلب العلم داخل البلاد الشامية إلى حلب، وبيت المقدس والرملة ونابلس، وبعلبك، وطرابلس، وحمص وحماه ونابلس والرملة.
كما كان للذهبي رحلاته العلمية داخل البلاد المصرية، وكانت من أبرز رحلاته المبكرة، ويبدو أنه وصل إلى مصر
في السادس عشر من رجب سنة 695هـ، فرحل إلى القاهرة، والإسكندرية، ودمياط،
وسمع بمصر من جماعة كبيرة، من أشهرهم: ابن دقيق العيد والعلامة شرف الدين
الدمياطي، وقرأ على صدر الدين سحنون ختمة لورش وحفص، وكان الذهبي يجهد نفسه
في قراءة أكبر كمية ممكنة على شيوخ تلك البلاد.
وفي سنة 698هـ
رحل الذهبي للحج، وكان يرافقه في حجه جماعة من أصحابه وشيوخه، منهم شيخ
دار الحديث بالمدرسة المستنصرية ابن الخراط الحنبلي (ت 728هـ)، وقد سمع
بمكة، وعرفة، ومنى ، والمدينة من مجموعة من الشيوخ.
هذا
وقد سمع الذهبي ما يتعذر عده من الكتب وأخذ عنه الصغار والكبار، حتى صدق
عليه قول تاج الدين السبكي (ت 771هـ): "وسمع منه الجمع الكثير، وما زال
يخدم هذه الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه
وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا
نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليال. وأقام بدمشق يُرحل إليه من سائر
البلاد، وتناديه السؤالات من كل ناد وهو بين أكنافها كنف لأهليها وشرف
تفتخر وتزهى به الدنيا وما فيها، طوراً تراها ضاحكة عن تبسم أزهارها،
وقهقهة غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من إمامها
المعدود في سكانها".
نشاطه العلمي
بعد أن أنهى الإمام الذهبي رحلاته في طلب العلم والاخذ عن ما يزيد عن الألف من العلماء، اتجه إلى التدريس وعقد حلقات العلم لتلاميذه، وانغمس في التأليف والتصنيف، وبدأت حياته العلمية في قرية "كفر بطنا" بغوطة دمشق حيث تولى الخطابة في مسجدها سنة 703 هـ الموافقة لسنة 1303م وظل مقيمًا بها إلى سنة 718 هـ الموافقة لسنة 1318م. وفي هذه القرية ألف الإمام الذهبي خيرة كتبه. وتعد الفترة التي قضاها بها هي أخصب فترات حياته إنتاجًا، ثم تولى مشيخة دار الحديث بتربة أم صالح، وكانت هذه الدار من كبريات دور الحديث بدمشق، تولاها سنة 718 هـ الموافقة لسنة 1318م بعد وفاة شيخها كمال الدين بن الشريشي، واتخذها سكنًا له حتى وفاته، ثم أضيفت إليه مشيخة دار الحديث الظاهرية سنة 729 هـ الموافقة لسنة 1228م ومشيخة المدرسة النفيسية سنة 739 هـ الموافقة لسنة 1338م بعد وفاة البرزالي، ومشيخة دار الحديث والقرآن التنكزية في السنة نفسها.أتاحت له هذه المدارس أن يدرس عليه عدد كبير من طلبة العلم، ووفد عليه لتلقي العلم كثيرون من أنحاء العالم الإسلامي بعد أن اتسعت شهرته وانتشرت مؤلفاته، ورسخت مكانته لمعرفته الواسعة بالحديث وعلومه والتاريخ وفنونه، فكان مدرسة قائمة بذاتها، تخرج فيها كبار الحفاظ والمحدثين. وتزخر كتب القرن الثامن الهجري بمئات من تلاميذ الذهبي النجباء، وحسبه أن يكون من بينهم: الحافظ ابن كثير وعبد الوهّاب السبكي صاحب طبقات الشافعية الكبرى، وصلاح الدين الصفدي، وابن رجب الحنبلي وغيرهم.
شيوخ الذهبي
وقد بلغ شيوخ الذهبي الذين أخذ عنهم في القراءات السبع والحديث والسيرة، وغيرها عدداً كبيراً، فأجاز له أبو زكريا ابن الصيرفي، وابن أبي الخير، والقطن ابن عصرون، والقاسم بن الأربلي.وسمع الذهبي من: أحمد بن هبة الله بن عساكر، وابن دقيق العيد، والحافظ أبي محمد الدمياطي، وغيرهم، وقد ذَكر في معجم شيوخه ثلاثمائة وألف شيخ.مؤلفاته
وثلث هذا العدد مختصرات قام بها الإمام الذهبي لأمهات الكتب التاريخية المؤلفة قبله، فاختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ نيسابور لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وتاريخ مصر لابن يونس وكتاب الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري، وأسد الغابة لابن الأثير. وقد حصر شاكر مصطفى الكتب التي اختصرها الذهبي في 367 عملا.
وإلى جانب هذه المختصرات له كتب في التاريخ والتراجم مثل:
- تذكرة الحفاظ
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال
- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار
- المعين في طبقات المحدثين
- ديوان الضعفاء والمتروكين
- العبر في خبر من عبر
- المشتبه في أسماء الرجال
- دول الإسلام
- الطب النبوي
- المغني في الضعفاء
واهم مؤلفاتة :1- تاريخ الإسلام: وهو كتاب كبير الحجم عظيم النفع لم يؤلف غيره في بابه مثله، قال ابن تغري بردي: "وهو أجل كتاب نقلت عنه ...". وهو يتحدث عن تاريخ الإسلام، وعلماء الحديث.2- سير أعلام النبلاء: وقد ألفه بعد تاريخ الإسلام وهو ليس مختصرا له.وفاة الإمام الذهبي
أضر الذهبي في أخريات سني حياته، قبل موته بأربع سنين أو أكثر، بماء نزل في عينيه، وتوفي بتربة أم الصالح ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة قبل نصف الليل سنة 748 هـ / 1348م، ودفن بمقابر باب الصغير، وحضر الصلاة عليه جملة من العلماء كان من بينهم تاج الدين السبكي، وقد رثاه غير واحد من تلامذته منهم الصلاح الصفدي والتاج السبكي.
فما جازى بإحسان لأني
أريد حياته ويريد قتلي |
العلم: قال الله قال رسوله | إن صح والإجماع فاجهد فيه |
وحذار من نصب الخلاف جهالة | بين الرسول وبين رأي ف |
إذا قرأ الحديث علي شخص |
المصادروأخلى موضعا لوفاة مثلي
1
2